رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

سامح لاشين يكتب : الفصل قبل الأخير .. هل نقف أمام النهاية ؟

المصير

الأربعاء, 5 فبراير, 2025

06:59 م

نحن فقط من نستطيع أن نجيب إذا كان هو الفصل قبل الأخير أم لا؟ على قضية سالت من أجلها دماء وارتكبت مجازر في حق أطفالها وقد تذهب سُدى أمام غطرسة وإجرام القوة إن لم ننتفض أمام من يأمر بإغتصاب حقوقنا وسفك  دمائنا ونأبى أن يكتب كلمة النهاية لقضيتنا  . 

وإذا كان البعض يرى أن ترامب يقدم نموذجا للرئيس المجنون فأنا أقول لكم جميعا أنه يقدم الوجه الحقيقي لأمريكا التي نشأت بالدماء وأستمرت بالدماء والسلب والنهب والتي  أفقرت الشعوب ولم تخرج عن طريق النهب الذي رسمه الإستعمار فهي من ورثت تركة بريطانيا وأتقنت لعبة السطوة والنفوذ والسيطرة  . 

ولن أدخل في سرديات نشأة أمريكا ويكفي أن أقول عبارة واحدة  أبادوا من أرادوا ليسلبوا الأرض والثروة ومبررهم التفوق للأقوى ، و"منذ عام ١٩٤٥ وحتى نهاية القرن الماضي ، سعت الولايات المتحدة إلى الإطاحة بأكثر  من ٤٠ حكومة ، وسحق أكثر من ٣٠ حركة وطنية وشعبية تناضل ضد نظم حكم لا تحتمل ، وخلال هذه العملية تسببت الولايات المتحدة في إنهاء حياة ملايين عديدة من الأشخاص ، وقضت على ملايين كثيرة بحياة الحرب واليأس " كما قال ويليام بلوم في كتابه الدولة المارقة دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم وهو كتاب يسرد بالوقائع والتواريخ ماذا فعلت أمريكا ؟  . 

ويستعرض "ويليام بلوم" في كتابه "الدولة المارقة" سجل الجرائم التي يكشف بها الوجه الحقيقي لأمريكا بعيدا عن ادعاءات الديمقراطية وحقوق الإنسان مكياج الحضارة الزائفة تلك الحضارة التي تفننت في قتل البشرية وتوارت خلف خطابها المنمق عن الحقوق والحريات ، ومن بعض الأمثلة التي يمتلئ بها السجل ما ذكره عن تقرير للكونجرس صادر في ١٩٩٤ يخطر بأنه تم استخدام ما يقرب من ٦٠ الفاً من العسكريين في الأربعينات كمادة بشرية لاختبار عاملين كيميائيين ، غاز الخردل وغاز اللوزيرت( غاز يسبب الحروق والقروح ) ولم يتم إخطارهم أو حصولهم على متابعة طبية بل تم تهديدهم بالسجن إذا ناقشوا هذه التجارب والبنتاجون ظل ينكر عقودا طويلة ، و هذا مثل واحد من كتّاب أشبه بالسجل يروي ويقص أبشع الجرائم الأمريكية من أراد أن يطلع على مذابح التاريخ ليذهب ويطلع وينزع القناع الزائف عن التوحش الذي لا يخفيه ١٠٠٠ قناع . 

وهنا وفي هذه اللحظة الراهنة لم يخرج ترامب المجنون ، و الشعبوي ، والمبتذل - اطلقوا عليه كما تريدون - عن سياق التاريخ الأمريكي الذي لم يتورع من استخدام القنبلة النووية ، وعن جميع الوسائل من أجل الإمبراطورية والمجد  ،  واليوم .. لن يتورع عن سلب حق شعب سالت دمائه وهو يدافع   عن أرضه من جحافل الطغيان والإجرام ، وفي النهاية بمنتهى البساطة يخرج علينا يوميا ليبلغنا قائلا :  إذا  أرادوا الحياة عليهم أن يرحلوا  ويحاول إجبار مصر والأردن على إستقبال ما تبقى من حرب الإبادة لنكتب بأيدينا كلمة النهاية لأشرف قضية . 

و أقول لترامب الذي يظهر الوجه الحقيقي لأمريكا - التي مارست أعمال القرصنة طوال تاريخها- إياك أن تتصور أنك تسطر الفصل قبل الأخير وستكتب كلمة النهاية بسهولة حتى ونحن في أكثر فترات تاريخنا ضعفا وهوانا ، إياك أن تتصور أن شعوبنا التي أذلها  الإستبداد لن تقوى على الانتفاض والرفض وتتحدث كما لو كنت ملك الدنيا .. ستسقط غطرسة القوى بالرفض والمقاومة . 

و أتصور أننا أمام لحظة فارقة ومفترق طرق إما أن نكون أو لا نكون ، و نموت للأبد ، و لكي نقف أمام النهاية و لا نجعل ما يحدث الفصل قبل الأخير من أشرس حكايات الدنيا تراجيديا علينا حكاما وشعوبا نرفض خطاب ترامب وليس كلاما بل لابد من الفعل فهذه لحظة كاشفة لا تتوقف عند حدود البيانات ولكن لابد أن تتخطى للفعل . 
أولا : لابد أن تتحرك مصر عربيا دوليا وتشكل محورا مهما مع السعودية لتشكيل اصطفاف عربي  ، وأن تتحرك دوليا و تطالب بضرورة اتخاذ موقف دولي رافضا لكل خطط ترامب . 
ثانيا : على المملكة العربية السعودية التي أصدرت بيانها وحددت موقفها الرافض ، وذلك ردا على ما قاله ترامب : 
 " السعودية لا تطالب بإقامة دولة فلسطينية" عليها أن تعلن بشكل واضح لا استثمارات في أمريكا إلا بعد قيام الدولة الفلسطينية وتفكيك المستوطنات ، تلك الاستثمارات التي كانت أشبه بالمزاد العلني الذي يرفع فيه المقامر ترامب ثمن الاستثمارات الذي يريده . 
ثالثا : إجتماع قمة عربية طارئة تعلن فيها كل الدول العربية تجميد جميع اتفاقيات تطبيعها وعلى رأسهم الإمارات التي بينها وبين إسرائيل صندوق استثمارات بأرقام ضخمة . 
رابعا : لابد من استخدام سلاح إنتاج البترول والكميات التي يتم إنتاجها لإرغام العالم بالوقوف أمام مشاريع استيلاء ترامب. 
هذا في تصوري البسيط مشروع قرار عربي موحد إذا أردنا أن نعود أمة .. إذا أردنا أن نعود للتاريخ من جديد وعلى الشعوب أن تطالب حكامها بذلك ، وإلا سيكون الخيار الثاني هو أننا سنخرج نهائيا من التاريخ  وستكتب كلمة النهاية و تكون اللحظة الراهنة هو الفصل قبل الأخير  من أكثر الروايات تراجيديا .